موقع ملتزم بالتحاكم إلى الكتاب والسنة على ضوء فهم السلف الصالح بعيداً عن التعصب

Untitled Post

0 407

س635: أشكل علي فهم ملاحظة أشرتم إليها في ” مناقشة الشيخ العثيمين في الاستحلال ” وهي التوسع في استعمال ” ثم “، والذي لم أفهمه: التماثل بين هذين القولين:” أُطيع الله تعالى ثم فلان ” و ” أعبد الله ثم فلان ” حيث أن الطاعة لله وللرسول، وأولي الأمر .. أما العبادة فلا تكون إلا لله .. فنرجو التوضيح، وجزاكم الله خيراً ونفع بكم؟


الجواب: الحمد لله رب العالمين. اعلم أن حرف ” ثم ” ينفع في مواضع دون مواضع، ويجوز استخدامه في مواضع دون مواضع، ففيما يجوز استخدامه كأن تقول:”ما شاء الله ثم ما شئت” فهو في هذا الموضع يُفيد التفريق بين مشيئة الله ومشيئة العبد، ويفيد أن مشيئة العبد دون مشيئة الله تعالى، وأن مشيئة الله تعالى فوق مشيئة العبد وحاكمة لها، إضافة إلى ذلك فإن إثبات المشيئة للعبد حق لا خلاف فيه، بخلاف قولك:” ما شاء الله وشئت ” فإن حرف ” الواو ” هنا يفيد المعية والمشاركة، والمساواة، لذا ورد النهي عن ذلك فقال صلى الله عليه وسلم:”إذا حلف أحدكم فلا يقل ما شاء الله وشئت، ولكن ليقل ما شاء الله ثم شئت“.

وصح أن رجلاً قال للنبي صلى الله عليه وسلم: ما شاء الله وشئت! فقال صلى الله عليه وسلم:” أجعلتني لله نداً“.

عودة إلى حرف ” ثم ” فأقول: إذا جاز استخدامه في مقولة ” ما شاء الله ثم شئت ” لا يعني ولا يُفيد جواز استخدامه في قولك:” أطيع الله ثم فلان “؛ لأن ثم هنا تفيد تعدد المطاعين، ومساواتهم في الطاعة، والمطاع لذاته واحد أحد لا شريك له، ومن يطاع سواه من أولي الأمر وغيرهم فهو يُطاع له وفيه سبحانه وتعالى لا لذاته، إضافة إلى ذلك فإن الطاعة تدخل دخولاً كلياً في معنى ودلالات العبادة .. ومن أهل العلم من عرف العبادة بالطاعة والطاعة بالعبادة، لذلك قال تعالى:)وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ( أي إن عبدتموهم من جهة الطاعة بطاعتهم فيما يُحلون ويُحرمون من دون الله إنكم لمشركون، فالشرك لا يُطلق إلا لنوع عبادة تُصرف لغير الله تعالى، لذلك قلنا أن وضع ” ثم ” في هذا الموضع لا تتشفع لقائلها، وهي كمن يقول أعبد الله ثم فلان!

ولمزيد من التوضيح أقول: لا يجوز للمرء أن يقول أطيع الله ثم فلان، أو أحب الله ثم فلان، أو أتبع الله ثم فلان، أو أوالي وأعادي في الله ثم في فلان، أقاتل في سبيل الله ثم في سبيل الوطن أو فلان .. فهذه العبارات عبارات شركية لا يجوز التلفظ بها .. وإقحام ” ثم ” في وسطها لا تبررها!  

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.