موقع ملتزم بالتحاكم إلى الكتاب والسنة على ضوء فهم السلف الصالح بعيداً عن التعصب

التقليد

0 294
س1088: قيل لي أنه يجب علي أن أتبع العالم فيما يقول؛ لأنه أعلم مني في شؤون الدين .. وإن لم أقتنع بقوله ورأيه أو يطمئن له قلبي .. وأنني لو اتبعته في الخطأ ليس علي إثم وإنما الإثم كله على المفتي أو العالم .. فهل هذا القول صحيح؟

الجواب: الحمد لله رب العالمين. أجيب عن سؤالك في النقاط التالية:
1- إن كنت تملك مقومات البحث والنظر والفهم .. يتعين عليك أن تطلب العلم وأدلته من مظانه .. وتنظر في أقوال أهل العلم وأيها أقرب للدليل من الكتاب والسنة، وما كان عليه الرعيل الأول من الصحابة والتابعين فتقبله وتأخذه .. وأي الأقوال ـ مهما علا كعب أصحابها ـ تخالف أدلة الكتاب والسنة فتردها.
2- أما إن كنت من عوام الناس؛ أي من أهل التقليد .. فإنه يتعين عليك أن تلتمس وتسأل عن أعلم وأتقى أهل بلدتك أو قريتك أو ممن تستطيع أن تصل إليه وتسأله عن شؤون دينك .. فتسأله وتتلقى العلم منه.
ويستحسن منك حينئذٍ أن تسأله عن الدليل من الكتاب والسنة فيما يُفتيك به .. وهل الذي يُفتيك به هو الموافق للسنة .. لتكون متبعاً للدليل وليس مجرد مقلد.
3- فإن اطمأن قلبك لقوله وأدلته .. وكان مجتهداً فيما قد أخطأ فيه .. فليس عليك ولا عليه شيء .. فأنت اجتهدت في التحري عمن تطلب منه العلم وتسأله عن شؤون دينك .. وهو اجتهد وبذل وسعه في طلب الحق لكنه أخطأ فله أجر إن شاء الله، لقوله صلى الله عليه وسلم:” إذا اجتهد الحاكم فأصاب فله أجران، وإذا اجتهد فأخطأ فله أجر “.
قال ابن تيمية رحمه الله:” فتبين أن المجتهد مع خطئه له أجر؛ وذلك لاجتهاده، وخطؤه مغفور له، لأن إدراك الصواب في جميع أعيان الأحكام إما متعذر أو متعسِّر “ا- هـ.
4- أما إن لم يكن من ذوي الاجتهاد .. وتجرأ على إفتائك بغير علم أو اجتهاد معتبر .. فوزره ووزرك عليه، وليس عليك شيء، لقوله صلى الله عليه وسلم:” من أفتي بغير علم كان إثمه على من أفتاه “، وفي رواية:” من أفتي بفتيا غير ثبت فإنما إثمه على من أفتاه”.
5- إن رابك قوله، ولم يطمئن إليه قلبك .. فحينئذٍ يتعين عليك ترك قوله والبحث عن قول آخر لعالم آخر تطمئن إليه نفسك وقلبك، كما في الحديث:” استفت قلبك: البر ما اطمأنت إليه النفس، واطمأن إليه القلب، والإثم ما حاك في النفس وتردد في الصدر، وإن أفتاك الناس وأفتوك “. وقال صلى الله عليه وسلم:” البر ما سكنت إليه النفس, واطمأن إليه القلب, والإثم ما لم تسكن إليه النفس, ولم يطمئن إليه القلب, وإن أفتاك المفتون “. وقال صلى الله عليه وسلم:” دع ما يريبك إلى ما لا يريبك “. وفي رواية:” دع عنك ما يريبك إلى ما لا يريبك فإن الصدق طمأنينة وإن الكذب ريبة “. وهذا كله في حال غياب النص ـ من الكتاب أو السنة ـ عنك .. أما إن ثبت عندك النص فيما تريد السؤال أو تبحث عنه فلا مجال هنا لاستفتاء النفس أو القلب، ولا مجال إلا للرضى والتسليم بحكم الله ورسوله، كما قال تعالى: ) فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً (النساء:65. 
بهذا أجيب عن سؤالك .. وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.  
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.