س954: استدل من استدل من العلماء على أن من ترك صلاة واحدة متعمداً فإنه يكفر بحديث:” فإن من ترك صلاة مكتوبة متعمداً فقد برئت منه ذمة الله “. وبالأثر المروي في مسند أحمد، بسنده عن عبيد الله بن عبيد الكلاعي قال: أخذ بيد مكحول فقال:” يا أبا وهب! ليعظم شأن الإيمان في نفسك، من ترك صلاة مكتوبة متعمداً فقد برئت منه ذمة الله، ومن برئت منه ذمة الله فقد كفر “، فما ردكم على من استدل بهذين النصين؟
الجواب: الحمد لله رب العالمين. للحكم في أي مسألة من المسائل لا بد من النظر في مجموع النصوص الشرعية ذات العلاقة بهذه المسألة .. والذي حملنا على صرف الكفر عمن يترك صلاة واحدة، ونتأول النصوص التي يفيد ظاهرها كفر من ترك صلاة واحدة .. هو ورود نصوص أخرى تصرف الكفر عمن ترك صلاة واحدة، والتي منها قوله صلى الله عليه وسلم:” أُمِرَ بعبد من عباد الله أن يُضرب في قبره مائة جلدة، فلم يزل يسأل ويدعوا حتى صارت جلدة واحدة، فجُلد جلدة واحدة، فامتلأ قبره عليه ناراً، فلما ارتفع عنه وأفاق، قال: على ما جلدتموني؟ قالوا: إنك صليت صلاة واحدة بغير طهور، ومررت على مظلوم فلم تنصره“، والحديث مخرج في السلسلة الصحيحة برقم ” 2774 “. فكونه قبل دعاؤه وخُفف عنه العذاب دل أنه غير كافر بتركه لصلاة واحدة؛ لأن من صلى بغير طهور كمن لا يصلي.
وكذلك قوله صلى الله عليه وسلم:” إنها ستكون عليكم بعدي أمراء يشغلهم أشياء عن الصلاة لوقتها، حتى يذهب وقتها، فصلوا الصلاة لوقتها“، قال رجل: إن أدركتها معهم أصلي معهم؟ قال:” نعم إن شئت “. فكونه صلى الله عليه وسلم أذن بالصلاة معهم فهذا يعني أنه صلى الله عليه وسلم لم يحكم عليهم بالكفر لمجرد ترك الصلاة إلى أن يفوت وقتها كلها، وصلاتها في غير وقتها المشروع ..؟
وغيرها من النصوص قد تناولناها في كتابنا ” حكم تارك الصلاة “، يمكنكم مراجعتها إن شئتم.
فإن عُرف ذلك نقول: ليس كل من برئت منه الذمة لزم منه الوقوع في الكفر أو أن يكون كافراً؛ فقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:” من بات فوق إجار أو فوق بيت ليس حوله شيء يرد رجله؛ فقد برئت منه الذمة، ومن ركب البحر بعد ما يرتج؛ فقد برئت منه الذمة “. ومع ذلك لم يقل أحد بكفر من بات على سطح بيت غير مسور بسور من الحجارة أو نحوه، ولا بكفر من يسافر في البحر وهو مائج هائج!
وكذلك قوله صلى الله عليه وسلم:” من أعان ظالماً ليدحض بباطله حقاً، فقد برئت منه ذمة الله ورسوله“، ومع ذلك لا تستطيع أن تحكم بالكفر على كل من أعان ظالماً على ظلمه ..!
ونحوه قوله صلى الله عليه وسلم:” أيما عبد أبق؛ فقد برئت منه الذمة “. وغيرها من الأحاديث.