موقع ملتزم بالتحاكم إلى الكتاب والسنة على ضوء فهم السلف الصالح بعيداً عن التعصب

شبهة ورد: بخصوص تكفير الطواغيت المجرمين

0 375

س1114: كيف يمكن الرد على من يجادل عن الطواغيت الحاكمين بغير ما أنزل الله، عندما يستدلون على عدم كفرهم وخروجهم من الملة، بحديث النبي صلى الله عليه وسلم:” .. إذا حاصرت أهل الحصن فأرادوك أن تنزلهم على حكم الله فلا تنزلهم على حكم الله ولكن أنزلهم على حكمك فإنك لا تدري أتصيب حكم الله فيهم أم لا “. ويستدلون أيضاً بحديث:” قد حكم فيهم اليوم بحكم الله الذي حكم به من فوق سبع سماوات ” يعني سعد بن معاذ في حكمه على بني قريظه. أي أن النبي صلى الله عليه وسلم أنزل اليهود على حكم سعد ولم ينزلهم على حكم الله ..؟

          الجواب: الحمد لله رب العالمين. واقع طواغيت الحكم والكفر في واد .. والأدلة المستدل بها على عدم كفرهم في وادٍ آخر، لا تصلح كدليل على صرف الكفر عن طواغيت الحكم والكفر الذين لا يحكمون بما أنزل الله، وبيان ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يوصي بعض أصحابه بأن ينزلوا العدو على حكمهم وليس على حكم الله .. لماذا؟
          لسببين: أولهما أن الموقف من النوازل التي تحتاج إلى نوع اجتهاد .. فالمجتهد قد يُخطئ ويُصيب فيما يجتهد فيه، ولو أخطأ في اجتهاده يكون قد رد الخطأ لنفسه وليس لحكم الله عز وجل.
          ثانياً: لأن الصحابي لا يدري هل يُصيب حكم الله فيهم أم لا .. وما دام لا يدري فمن الخطأ أن يفتي عن الله بغير علم أو يرد الحكم في مسألة من المسائل إلى الله عن جهل بغير علم.
          فالعالم عندما تنزل بساحته نازلة .. لا يعرف حكم الله فيها على وجه الجزم والدقة .. فيجتهد رأيه .. ثم يقول: هذا رأيي وحكمي واجتهادي فإن أخطأت فمن نفسي والله بريء من ذلك .. وإن أصبت فمن الله تعالى وتوفيقه وفضله .. فالعالم يرد الخطأ لنفسه .. وينزه الخالق سبحانه وتعالى وحكمه من أن ينسب إليه الخطأ .. وهذا من التقوى والورع الذي ينبغي أن يتحلى به العالم المجتهد .. هذا المعنى .. هو المراد من قوله صلى الله عليه وسلم للصحابي:” إذا حاصرت أهل الحصن فأرادوك أن تنزلهم على حكم الله فلا تنزلهم على حكم الله ولكن أنزلهم على حكمك فإنك لا تدري أتصيب حكم الله فيهم أم لا “.
          ونقول كذلك: لو كان الصحابي يعرف ويدري حكم الله .. في مسألة من المسائل أو نازلة من النوازل .. والنبي صلى الله عليه وسلم يعلم منه ذلك .. هل يُتوقع أن يقول له النبي صلى الله عليه وسلم .. لا تحكم في هذه المسألة بحكم الله .. واحكم فيها بحكمك ورأيك .. معاذ الله أن يصدر ذلك عن نبينا صلوات ربي وسلامه عليه!
          والسؤال: هل طواغيت الحكم والكفر المختلف على كفرهم .. هكذا حتى يُحمل عليهم الحديث الوارد في السؤال أعلاه؟!
          أما فيما يتعلق بحديث معاذ، وقول النبي صلى الله عليه وسلم له:” قد حكم فيهم اليوم بحكم الله الذي حكم به من فوق سبع سماوات ..”؛ فالنبي صلى الله عليه وسلم استحسن حكم معاذ لأنه أصاب فيهم حكم الله عز وجل .. ولو أنه لم يُصب فيهم حكم الله .. أترى أن النبي صلى الله عليه وسلم يستحسن حكمه .. ويقره .. ويعمل به .. معاذ الله أن يصدر ذلك عن نبينا صلوات ربي وسلامه عليه!
          وبالتالي أين الشاهد من الحديث على عدم كفر طواغيت الحكم والكفر الذين لا يحاربون شرع الله تعالى .. ويحكمون البلاد والعباد بشرائع الكفر؟!
          ونقول كذلك: هذا الذي حصل للصحابي معاذ رضي الله عنه .. حصل لغيره من الصحابة .. فقد حصل لعمر الفاروق رضي الله عنه .. أن الله تعالى قد بارك وأيد حكمه في أكثر من نازلة وموقف .. كموقفه من أسرى بدر .. وموقفه من الصلاة على رأس النفاق ابن أبي .. وغير ذلك .. وبالتالي لا يجوز أن نستدل بهذه المواقف أو الأدلة على شرعية الحكم بغير بما أنزل الله .. أو التحاكم إلى غير حكم الله .. أو على عدم تكفير طواغيت الحكم والكفر!
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.