موقع ملتزم بالتحاكم إلى الكتاب والسنة على ضوء فهم السلف الصالح بعيداً عن التعصب

ذكر الله والجهاد في سبيل الله

0 451
س1092: عن أبي الدرداء قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:” ” ألا أنبئكم بخيرِ أعمالكم، وأزكاها ـ في رواية ابن ماجة: وأرضاها ـ عند مليككم، وأرفعها في درجاتكم، وخير لكم من إنفاقِ الذَّهب والورق، وخير لكم من أن تَلقوا عدوَّكم فتضربوا أعناقَهم ويضربوا أعناقَكم؟” قالوا: بلى، قال :” ذِكْرُ الله “.
والسؤال هو: ما هو وجه الجمع والتوفيق بين هذا الحديث على وجه التحديد ـ وأمثاله في بيان فضيلة ذكر الله تعالى ـ وبين الأحاديث الدالة على عظمة فضل الجهاد والرباط والشهادة في سبيل علو كلمة لا إله إلا الله .. وما المقصد من كلمة ” ذكر الله ” الوارد في الحديث .. وجزاكم الله خيرا؟

الجواب: الحمد لله رب العالمين. قوله صلى الله عليه وسلم:” تَلقوا عدوَّكم فتضربوا أعناقَهم ويضربوا أعناقَكم “؛ المراد منه ـ في هذا الحديث ـ جهاد الطلب المندوب .. المجرد عن الذِّكر .. الذي تكون تحصيل الغنائم من العدو غرض من أغراضه .. إن لم يكن الغرض الأكبر .. فهذا النوع من القتال أو الجهاد المجرد .. نعم ذكر الله يعلوه فضلاً ودرجة عند الله تعالى كما أفاد بذلك الحديث.
أما جهاد الدفع الواجب .. ورد العدو الصائل عن بلاد وحرمات المسلمين .. أو جهاد الطلب الواجب الخالص لوجه الله تعالى من أجل إعلاء كلمته في الأرض .. الذي لا يشوبه غرض من أغراض الدنيا .. فإنه لا يعدله شيء من الطاعات .. وعليه ينبغي أن تُحمل الأحاديث الدالة على فضل الجهاد في سبيل الله على ما سواه من الأعمال والمندوبات، كما في الحديث الذي أخرجه البخاري في صحيحه: أن رجلاً جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: دلني على عمل يعدل الجهاد، قال صلى الله عليه وسلم:” لا أجده؛ هل تستطيع إذا خرج المجاهد أن تدخل مسجدكَ فتقوم ولا تفتر، وتصوم ولا تفطر؟” قال: ومن يستطيع ذلك؟! 
أمَّا ما المراد من ” ذِكر الله ” الوارد في الحديث أعلاه ..؟

أقول: هو ذِكرُ اللسان الذي يُرافقه استحضار خشوع القلب، الذي يحمل الجوارح الظاهرة والباطنة على الانقياد لتعاليم الشريعة أمراً ونهياً .. هذا هو المراد من الذكر الوارد في الحديث أعلاه، وهذا الذكر بهذا الوصف والشروط هو الذي يُعد أفضل وخير من إنفاقِ الذَّهب والورق، وخير لكم من أن تَلقوا عدوَّكم فتضربوا أعناقَهم ويضربوا أعناقَكم .. وليس الذكر المجرد الذي لا يعدو مجرد تحريك الشفاه، وطقطقة حبات السبحة .. مع غفلة تامة لخشوع القلب وأعماله، وغياب انقياد الجوارح الظاهرة لتعاليم الشريعة .. كما يظن البعض! 
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.