موقع ملتزم بالتحاكم إلى الكتاب والسنة على ضوء فهم السلف الصالح بعيداً عن التعصب

التوفيق بين حديثين “ستصالحون الروم ..” و “لا أستعين بمشرك على مشرك”

0 399

 

س594: قال صلى الله عليه وسلم:” ستصالحون الرومَ صُلحاً آمناً فتغزون أنتم وهم عدواً من ورائهم فَتَسلمون وتَغْنمون ثم تَنزلون بمرج ذي تُلوم فيقوم رجلٌ من الروم فيرفع الصليب ويقول غلب الصليب فيقوم إليه رجل من المسلمين فيقتله فيغدر الروم وتكون الملاحم فيجتمعون لكم في ثمانين غاية مع كل غاية اثنا عشر ألفاً ” حديث صحيح رواه أحمد وأبو داود وابن ماجة وابن حبان عن ذي مخمر رضي الله عنه وصححه الألباني في تحقيقه لأحاديث المشكاة برقم 5424. وفي صحيح الجامع أيضاً وله روايات.
سؤالي: كيف نزيل التعارض بين هذا الحديث وحديث:” لا أستعين بمشرك على مشرك “، وهل يعتبر قتل المسلم لذلك النصراني الذي قال ( غلب الصليب ) من الغدر .. وجزاكم الله خيراً، ووفقكم وسدد خطاكم ؟

الجواب: الحمد لله رب العالمين. الحديث أفاد حدوث الصلح الآمن المؤقت .. وأفاد وجود عدو مشترك للروم والمسلمين معاً .. كل من الروم والمسلمين يُقاتله من جهته وجبهته الخاصة به مستقلاً عن الآخر .. ولم يفد حدوث الاستعانة بالمشركين على قتال المشركين .. وبالتالي لا يوجد تعارض بينه وبين قوله صلى الله عليه وسلم:”لا أستعين بمشرك على مشرك“.
وقوله:”عدواً من ورائهم” أي من وراء الروم .. وهذا يعني أن المسلمين مضطرين لإجراء هذا النوع من الصلح مع الروم ليتسنى لهم الوصول إلى العدو الذي يكمن ويتواجد خلف الروم .. والله تعالى أعلم.
وكذلك قتل المسلم لذلك الصليبي ليس من الغدر؛ لأنه لم يقتله غيلة ولا خلسة .. وإنما قتله بعد نوع مواجهة وقتال وعراك .. وكان السبب في ذلك والمبتدئ هو الصليبي الذي رفع الصليب وقال غلب الصليب .. فقام المسلم ابتداءً ـ غضباً لله ـ ليدق الصليب ويكسره .. فحصل بسبب ذلك التدافع والعراك والقتال .. فقُتل الصليبي وقُتل المسلم .. وما كان كذلك لا يُسمى غدراً ولا يدخل في معناه،كما أفادت بذلك رواية عند ابن ماجة:” فيرفع رجل من أهل الصليب الصليبَ فيقول غلب الصليب، فيغضب رجل من المسلمين فيقوم فيدقه ـ أي فيدق الصليب ـ فعند ذلك تغدر الروم ويجتمعون للملحمة“. وفي رواية صحيحة عند الحاكم:”فيثور المسلم إلى صليبهم وهم منهم غير بعيد فيدقه، ويثور الروم إلى كاسر صليبهم فيقتلونه“. وقوله “وهم منهم غير بعيد” دل على تمايز الصفوف والجبهات .. وأن المسلمين والروم ليسوا جبهة واحدة، والله تعالى أعلم.  لمزيدٍ من الفائدة انظر سؤال رقم: 210. 
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.