موقع ملتزم بالتحاكم إلى الكتاب والسنة على ضوء فهم السلف الصالح بعيداً عن التعصب

وقفة مع آية

وربطنا على قلوبهم إذ قاموا ..

0 907

وقفة مع آية

      [وَرَبَطْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ]؛ ثبتناهم، وجرَّأنَاهم، وقوّينا قلوبَهم على قولِ الحَقِّ، وأزَلْنا منها الخوف، والوجَل، والتَّردد .. فالموقفُ شديدٌ، وصعب، غير مألوف للعيان، ولا للمسامع .. لا يَقْدِرُ عليه ضُعفاءُ الإيمانِ، ضُعفَاءُ القَلبِ، [إِذْ قَامُوا]؛ تفيد حركةً جماعيّة جريئةً، ومنظَّمَةً .. تفيد قياماً بعد كُمُونٍ، وسُكُونٍ، وتَدبيرٍ، وتخطيطٍ للزمانِ والمكَانِ المنَاسِبَين، [فَقَالُوا]؛ قولَةَ رجلٍ واحد، للملِك الطاغية الذي زعم لنفسه الربوبية، وأنه إله من دون الله .. قالوا له أمامه وفي وجهه، وعلى ملأ من الناس، وفي حفل مشهود، ومليء بالحاشية والعبيد المقربين، تُمارَسُ فيه طقوسُ الطاعةِ والشّركِ، وتعبيد العبيد للطاغوت .. غير آبهين بترهيب، ولا بقتْلٍ أو صَلْبٍ:[رَبُّنَا]؛ ليس أنت أيُّها الطاغوت المَلِك، فما أنت إلا عبد مملوك ومخلوق، ينتابك ما ينتاب العبيد من نَقْصٍ، وضَعْفٍ، وعَجزٍ، وحاجة، لا تقدر أن تخلق شيئاً .. ولا تلك الأصنام التي تدعونا لعبادتها .. بل ربنا هو الله؛ الذي خلقنا، وربَّانا، ورزقنا، وأنشأنا وفق مشيئته وتقديره [رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ]؛ الذي خلق السماوات والأرض وما فيها من مخلوقات، ثم هَدَى [لَن نَّدْعُوَ]؛ لن نَّعْبُدَ [مِن دُونِهِ]؛ من دون الله، [إِلَهاً]؛ معبوداً آخر، ولو فعلنا؛ فعبدنا غير الله، وأقررنا له بالربوبية والألوهية، مع ضعفه، وعجزه عن أن يكون خالقاً [لَقَدْ قُلْنَا إِذاً شَطَطاً]الكهف:14. قولاً في غاية الشَّطَطِ، والظلمِ، والكُفرِ، والبُعدِ عن الحقِّ والصَّوابِ .. ونعوذُ بالله من ذلك .. هذا الموقف الجريء؛ المليء بالإيمان، واليقين، والثبات، والتوكّل .. هذا الصدع بالحق في وجه الطاغوت الظالم ــ وهو أفضَلُ الجهَادِ ــ هو الذي وضع لهؤلاء الفتية ــ الذين آمنوا بربهم، وزادهم اللهُ هُدَى ــ القبولَ في الأرضِ، وفي السّماءِ .. وهو الذي خلَّدَ ذِكْرَهُم وقِصَّتَهُم في سورة عظيمة؛ سورة “الكهف “!

 

عبد المنعم مصطفى حليمة

أبو بصير الطرطوسي

www.altartosi.net

07/01/2022

مواضيع ذات صلة للاستزادة:

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.