موقع ملتزم بالتحاكم إلى الكتاب والسنة على ضوء فهم السلف الصالح بعيداً عن التعصب

أبو هريرة رضي الله عنه

0 738

أبو هُرَيْرَة رضي الله عنه

      قال أبو هريرة:” يقولونَ إنَّ أبَا هُرَيْرَةَ يُكْثِرُ الحَدِيثَ ــ واللَّهُ المَوْعِدُ! ــ ويقولونَ: ما لِلْمُهَاجِرِينَ والأنْصَارِ لا يُحَدِّثُونَ مِثْلَ أحَادِيثِهِ؟ وإنَّ إخْوَتي مِنَ المُهَاجِرِينَ كانَ يَشْغَلُهُمُ الصَّفْقُ ــ التبايع ــ بالأسْوَاقِ ــ وإنَّ إخْوَتي مِنَ الأنْصَارِ كانَ يَشْغَلُهُمْ عَمَلُ أمْوَالِهِمْ، وكُنْتُ امْرَأً مِسْكِينًا، ألْزَمُ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ علَى مِلْءِ بَطْنِي، فأحْضُرُ حِينَ يَغِيبُونَ، وأَعِي حِينَ يَنْسَوْنَ، وقالَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَوْمًا: لَنْ يَبْسُطَ أحَدٌ مِنكُم ثَوْبَهُ حتَّى أقْضِيَ مَقالتي هذِه، ثُمَّ يَجْمعهُ إلى صَدْرِهِ فَيَنْسَى مِن مَقالتي شيئًا أبَداً فَبَسَطْتُ نَمِرَةً ليسَ عَلَيَّ ثَوْبٌ غَيْرُهَا، حتَّى قَضَى النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مَقالَتَهُ، ثُمَّ جَمَعْتُهَا إلى صَدْرِي، فَوَالَّذِي بَعَثَهُ بالحَقِّ، ما نَسِيتُ مِن مَقالتِهِ تِلكَ إلى يَومِي هذا، واللَّهِ لَوْلَا آيَتَانِ في كِتَابِ اللَّهِ، ما حَدَّثْتُكُمْ شيئًا أبَدًا:[ إنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ ما أنْزَلْنَا مِنَ البَيِّنَاتِ والهُدَى ] إلى قَوْلِهِ [ الرَّحِيمُ ]البقرة:159-160. البخاري.
      وجاء رجلٌ إلى زيدِ بنِ ثابتٍ فسأله، فقال له زيدٌ: عليك بأبي هريرةَ، فإنِّي بينما أنا وأبو هريرةَ وفلانٌ في المسجدِ ندعو اللهَ ونذكرُه إذ خرج علينا رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وآلِه وسلَّم حتَّى جلس إلينا، فقال:” عودوا للَّذي كنتم فيه “، قال زيدٌ: فدعوتُ أنا وصاحبي، فجعل رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وآلِه وسلَّم يُؤمِّنُ على دعائِنا، ودعا أبو هريرةَ، فقال: إنِّي أسألُك ما سأل صاحباي، وأسألُك عِلمًا لا يُنْسَى، فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وآلِه وسلَّم:” آمين “، فقلنا: يا رسولَ اللهِ ونحن نسألُك عِلمًا لا يُنسَى؟ فقال:” سبقكم بها الغلامُ الدَّوسيُّ “.
      فقال أبو هُرَيرَةَ: إنَّه لم يكن يَشغَلُني عن رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم غَرْسُ الوَدِيِّ، ولا صَفْقٌ بالأسواقِ، إنِّي إنَّما كُنتُ أطلُبُ من رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كَلِمَةً يُعلِّمُنيها، وأُكْلَةً يُطعِمُنيها، فقال له ابنُ عُمَرَ: أنتَ يا أبا هُرَيرَةَ كُنتَ ألْزَمَنا لرسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، وأعْلَمَنا بحَديثِه.
      قال الذهبي في السير: كان أبو هريرة وثيق الحفظ، ما علمنا أنه أخطأ في حديث.
      وقال الشافعي: أبو هريرة أحفظ من روى الحديث في دهره.
      وعن أبي هريرة، قال: قُلتُ: يا رَسُولَ اللهِ، ادْعُ اللَّهَ أَنْ يُحَبِّبَنِي أَنَا وَأُمِّي إلى عِبَادِهِ المُؤْمِنِينَ، وَيُحَبِّبَهُمْ إلَيْنَا، قالَ:” فَقالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ:” اللَّهُمَّ حَبِّبْ عُبَيْدَكَ هذا ــ يَعْنِي أَبَا هُرَيْرَةَ ــ وَأُمَّهُ إلى عِبَادِكَ المُؤْمِنِينَ، وَحَبِّبْ إلَيْهِمِ المُؤْمِنِينَ “؛ فَما خُلِقَ مُؤْمِنٌ يَسْمَعُ بي وَلَا يَرَانِي إلَّا أَحَبَّنِي. مسلم. فمن كانت لديه مشكلة مع الصحابي الجليل أبي هريرة رضي الله عنه، ولا يجد في قلبه حبَّاً وتوقيراً له، فلينظر أين موضعه من هذا الحديث العظيم.

عبد المنعم مصطفى حليمة

أبو بصير الطرطوسي

 

كتاب:  وقفات مع سيرة النبي محمد صلى الله عليه وسلم

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.