موقع ملتزم بالتحاكم إلى الكتاب والسنة على ضوء فهم السلف الصالح بعيداً عن التعصب

أنت حر ما لم تضر

0 879

أنت حر ما لم تضر

      قد غالَت الليبراليَّةُ الغربيَّةُ في حرية الفرد، فقالت له:” أنت حر ما لم تضر “؛ وهذا الشعار ــ وللأسف ــ وجد صداه عند أبناء المسلمين وفي بلدانهم .. يرددونه ويلوكونه في أحاديثهم، يحسبونه صواباً وما هو بصواب .. وعند مراجعة قوانينهم المفسرة لهذا الشعار؛ نجد أنهم يعنون به: أنت حر في نفسك، وجسدك، ومالك، وعملك، وسلوكك .. أن تفعل ما تشاء .. وتقول ما تشاء .. ما لم تضر وتؤذي غيرك، ضرراً مادياً، يتسم بالعنف .. فقالوا ومارسوا ــ تحت هذا الشعار ــ منتهى الإباحية، والشذوذ الجنسي، والأخلاقي، والفكري، والاقتصادي المالي .. وقالوا: أن تضر نفسك بالخمر، والمخدرات، والزنى، والمثلية، والميسر، والربى .. وبكل أصناف المجون، والفجور، والانحراف الأخلاقي، لك ذلك .. لا حرج عليك .. المهم أن لا يتعدى ضررك للآخر .. ثم هذه الليبرالية تضيق في مواضع، وتتسع في مواضع؛ بحسب أهواء الحكام، والمشرَّعين .. وفي مواطِن تَفرضُ نفسها بالعنف، وقوة السِّلاح .. وهذا مما لا شك فيه مخالف لتعاليم وقيم الإسلام التي تنص على أن حرية المرء ــ سواء كان ذكراً أم أنثى ــ مستمدة من شرع الله تعالى، خالق الخلق، ومالِك الملك .. لا تَضيقُ ولا تتَّسعُ أكثر من الحَدِّ الذي حَدَّه اللهُ .. فالحلال والحرام، والإباحة والحظر، والمنع .. وتحديد الضار من النافع .. مرد ذلك كله إلى الله تعالى وحده .. فالله هو الذي خلق؛ وهو الأعلم بما خلق، وبما يصلح ما خلق .. وله وحده الحكم والأمر فيما خلق، كما قال تعالى:[ أَلاَ لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ ]الأعراف:54. وقال تعالى:[ إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلّهِ أَمَرَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ ]يوسف:40.
      ثم بقليل من التأمَّل نجد أن هذا الشعار ” أنت حر ما لم تضر “، غير واقعي؛ وذلك أن الإنسان كائن اجتماعي؛ يتأثَّر، ويُؤَثِّر، وأيما ضرر يُنزله في نفسه، فسيتأثر ويتضرر به كل من يحيط به، ويتعامل معه .. حتى هذه المرأة التي أصبحوا يتفنَّنون في تعريتها في الأسواق، تحت عنوان وزعم، أنت حرة في جسدك، ” و أنت حر ما لم تضر “؛ فهي تؤذي وتضر كل من يقع عينه عليها .. ثم هي تضر بنفسها بتجريء الفسَّاق عليها!

 

عبد المنعم مصطفى حليمة

أبو بصير الطرطوسي

 

اقرأ أيضاً:

تركي الحمد والليبرالية التي يبشر بها المجتمع السعودي

مفهوم الحرية والشر من منظور أمريكي

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.