موقع ملتزم بالتحاكم إلى الكتاب والسنة على ضوء فهم السلف الصالح بعيداً عن التعصب

التَّقْوَى والعِلْم.

وَاتَّقُواْ اللّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللّهُ

0 608

التَّقْوَى والعِلْم.

 [ وَاتَّقُواْ اللّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللّهُ ] البقرة:282. من لوازم التقوى ومقتضاه، تعليم الله لك .. فعلى قدر التقوى، يكون التعليم، وعلى قدر التعليم، والعلم يكون التقوى .. فكل منهما يقتضي الآخر، ولازم وملزوم له، ولما كان التقوى درجات كان العلم درجات، ومن حقق درجات عالية في التقوى، مَنّ الله تعالى عليه بدرجات عالية في العلم تتناسب مع درجات التقوى .. ولما كان التقوى ليس له سقفاً ينتهي إليه اجتهاد المرء، كذلك العِلم ليس له سقفاً ينتهي إليه اجتهاده؛ فهو يقبل الزيادة أبَدَاً، [ وَقُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْماً ]طه:114. [ وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ ]يوسف:76. وكما أن التقوى يزيد وينقص؛ يزيد بالطاعات، وينقص ويضعف بالمعاصي .. كذلك العلم يزيد وينقص، تبعاً لزيادة التَّقوى ونقصانه.
      ولو بلغ المرء درجة عالية من العلم، وأصبح من العلماء الكبار .. ثم لم يتق الله في علمه .. ولم يصدق علمه بالعمل، ولم ينتبه لخواتيم عمله .. انتقص علمه .. وربما ينسلخ من علمه كلياً بحسب درجة ونوعية معاصيه المنافية للتقوى، كما حصل مع العالم بِلعام؛ فقد آتاه الله الآيات، والعلم الكثير .. وكان دعاؤه مستجاباً .. فأحدث حدثاً يناقض التقوى كليَّاً فانسلخ من آيات الله، وما مَنَّ الله عليه من العِلم والكرامات، وأنزل الله فيه قوله:[ وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِيَ آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ . وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَـكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِن تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَث ]الأعراف:175-176.
      وكان كثير من السَّلف من يرد نسيانه لما يحفظ من العلم، ومن كتاب الله، إلى معاص كان قد اقترفها من قبل، فوجد غِبَّها وأثرها على حفظه وعِلمه فيما بعد .. ورحم الله الشَّافِعي إذ يقول:
          شَكَوتُ إِلى وَكيعٍ سوءَ حِفظي … فَأَرشَدَني إِلى تَركِ المَعاصي
          وَأَخبَرَني بِأَنَّ العِلمَ نورٌ … وَنورُ اللهِ لا يُهدى لِعاصي

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.